في قصصهم عبرة

عدد مرات التحميل
عدد مرات المشاهدة 324

شرح عن الكتاب

✍ مقدمة الكتاب

الحمد لله الذي قصَّ علينا من أخبارِ الأممِ ما فيه عبرةٌ لذوي الألبابِ، فقومًا هدى، وقومًا حقَّ عليهمُ العذاب، وقومٌ عبدوا ربَّهم، وبذلوا له الإحسان، وقومٌ حادوا عن النَّهجِ القويمِ، ووقعوا في حبائلِ الشيطانِ.

وصلِّ اللهمَّ على نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم خيرِ المرسلين، وأصدقِ البشرِ أجمعين، ورحمةِ ربِّ العالمين، أمرَه ربُّه أنْ يقصَّ علينا من الأخبارِ ما فيه عبرة لمن تأمل فقال : {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: ١٧٦]، فامتثلَ صلى الله عليه وسلم أمرَ ربِّه، وما حاد عن دربِه، فقصَّ علينا من الأنباءِ ما يشحذُ الهمم، ويسموا بالنفسِ إلى أعلى القممِ، وبعد؛

فهذا كتابنا الموسوم بــ “في قَصصهم عبرة” الجزء الأول، ذكرتُ فيه بعضَ ما قصَّه علينا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم وصحابتُه رضي الله عنهم من أخبارِ من سبقنا من الأممِ، ليست من وحْي الخيالِ، ولا من أساطيرِ الكُهَّان، وإنما قَصصُ حقٍّ، فيها عبرٌ لمن تأمَّلَ، وعظةٌ لمن تدبَّرَ.

إنَّ الناظرَ في كتاب الله بإمعانٍ يجد أنَّه اشتملَ على كثيرٍ من أخبار الأنبياء والمرسلين، وقصصٍ لرجالٍ صالحين، وأقوامٍ فاسقين، ذكرَها ربُّ العالمين ليعتبرَ من يأتي بمن مضَى، ويأتسي المؤمنون بالأخيارِ والصالحين. وليستْ هذه القَصصُ للطَّربِ والسَّمَرِ، وإنما للتدبُّر والتماس العِبَرِ، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١].

ومن نظرَ في عالمِ الكتب وجدَ هذا الباب مليئا بالمصنَّفات ما بين مجلدٍ كبيرٍ، وكتابٍ صغيرٍ، لكنَّ كتابَنا هذا نسعى فيها لغاياتٍ ثلاثٍ، بعد رضى ربِّنا الجليل، والتماسِ العونَ منه والتوفيقَ:
الأولى: بيانُ وجه العبرة من هذه القَصص.
والثانية: صحَّةُ السَّندِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم فيما نذكرُ عنهم من الأخبارِ.
والثالثة: سردُ هذه القَصص سردًا أدبيًا سهل اللغة، بعيدا عن الرَّكاكةِ والحَشْو، والتَّكُّلفِ والتَّحَذْلُقِ.

وأسألُ الله في عليائِه وكبريائِه أن يرزقَني التوفيقَ والسَّدادَ، ويبصِّرَني بالحقِّ وسُبُلَ الرَّشادِ، وأن يجعلَ عملي خالصًا لوجهه بعيدًا عن تملُّقِ العبادِ.

وقد ذكرتُ القصةَ أولًا بسردٍ أدبيٍّ، وعلقتُ عليها في ثنايا الكلام، ثم بعد ذلك ذكرتُ النصَّ المرفوعَ أو الموقوفَ بروايةٍ أحدِ كتب السنةِ، وذكرتُ بين القوسين الزيادات على هذه الرواية، واستدمت رموزًا؛ وهي: [خ: البخاري. م: مسلم. د: أبو داود. ت: الترمذي. جة: ابن ماجة. حم: أحمد. حب: ابن حبان]. وقد اختصرت في التحقيقِ؛ لأنَّ هذا ليس محلُّه هنا.

وكتبه
أبو حاتم القاضي
‏ ‏١ ربيع الثاني‏ ١٤٣٥